الأحد، 4 مايو 2014

حلاوة الصلاة

يقول بديع الزمان النورسى واصفا أداء الإنسان للصلاة لرب العالمين: يولى الإنسان وجهه إلى عرش عظمة من هو قديم لم يزل،ومن هو باق لا يزال ،ومن هو يدبر أمر هذه العوالم الجسيمة ويبدلها،فيدوى بصوته قائلا "الله اكبر"فوق رؤوس هذه المخلوقات الفانية،مطلقا يده منها،مكتوفا فى خدمة مولاه الحق منتصبا قائما عند من هو دائم باق جل وعلا ليقول"الحمد لله"أمام كماله الذى لا نقص فيه،وأمام جماله الذى لا مثيل له،واقفا أمامه مثنيا رحمته الواسعة ليقول"إياك نعبد وإياك نستعين" ليعرض عبوديته واستعانته تجاه ربوبية مولاه التى لا معين لها ،وتجاه ألهويته التى لا شريك لها،وتجاه سلطنته التى لا وزير لها.. فيركع إظهارا لعجزه وضعفه وفقره مع الكائنات جميعا أمام كبريائه سبحانه وتعالى التى لامنتهى لها ،وامام قدرته التى لا حد لها ،وأمام عزته التى لا عجز فيها،مسبحا ربه العظيم قائلا"سبحان ربى العظيم" ثم يهوى إلى السجود أمام جمال ذاته الذى لا يزل،وأمام صفاته المقدسة التى لا تتغير ،وأمام كمال سرمديته الذى لا يتبدل،معلنا بذلك حبه وعبوديته فى إعجاب وفناء وذل،تاركا ما سواه سبحانه قائلا"سبحان ربى الأعلى"واجدا جميلا باقيا ورحيما سرمديا بدلا من كل فان،فيقدس ربه الأعلى المنزه عن الزوال المبرأ من التقصير ،ويجلس للتشهد،فيقدم التحيات والصلوات الطيبات لجميع المخلوقات هدية باسمه إلى ذلك الجميل الذى لم يزل وإلى ذلك الجليل الذى لا يزال مجددا بيعته مع رسوله الأكرم بالسلام عليه مظهرا بها طاعته لأوامره ،فيرى الانتظام الحكيم لقصر الكائنات هذا ،ويشهده على وحدانية الصانع ذى الجلال،فيجدد إيمانه وينوره ،ثم يشهد على دلال الربوبية ومبلغ مرضياتها وترجمان آيات كتاب الكون الكبير وهو محمد العربى صلى الله عليه وسلم■■ إن معنى الصلاة هو التسبيح والتعظيم والشكر لله تعالى ،أى تقديسه جل وعلا تجاه جلاله قولا وفعلا بقول"سبحان الله"وتعظيمه تجاه كماله لفظا وعملا بقول"الله اكبر" وشكره تجاه جماله قلبا ولسانا وجسما بقول"الحمد لله" أى أن التسبيح والتكبير والتحميد هو بمثابة نوى الصلاة وبذورها فوجدت هذه الثلاثة فى جميع حركات الصلاة وأذكارها ،ولهذا تكرر هذه الكلمات الطيبة الثلاث ثلاثا وثلاثين مرة عقب الصلاة ،وذلك للتأكيد على معنى الصلاة وترسيخه ،إذ بهذه الكلمات الموجزة المجملة يؤكد معنى الصلاة ومغزاها●●●●