الخميس، 26 يوليو 2012

الماضى والمستقبل

يتناسب التقدم المنشود تحقيقه فى مستقبل أى شعب طرديا مع درجة تمسكه بتراثه وعاداته وتقاليده من ناحية, وطرديا مع الآخذ باسباب القوة من تعليم وعلم وقدرة على تطوير عاداته وتقاليده تدريجيا لتتناسب مع عامل الزمن, وعكسيا مع تقليد المنتصر حضاريا فى اللحظة الراهنة وتدمير تراثه وعاداته وتقاليده.
ولا يكون الإنتماء للماضى دعوة لإستدعائه فى الحاضر أو ركوب آلة الزمن للعودة إليه, ولكنه إنتماء لقيم ومبادئ وعادات وتقاليد الأجداد وتكوين أرضية ثقافية وتراثية نقف عليها للتعامل مع الحضارة المنتصرة لكى ناخذ منها مايناسبنا دون أن نطمس هويتنا.
إن الشعوب تحتاج إلى تراثها لكى تنجز الحضارة ولكنها بدون تطوير لهذا التراث ليناسب الزمن لن تتقدم وستنهى حضارتها,وبالتالى يكون جوهر المشكل فى إيجاد التوازن بين التمسك بالتراث والقدرة على تطويره دون طمس الهوية وذلك أسماه جوستاف لوبون عالم النفس الإجتماعى التوازن بين الثبات والتحول.
إن القطيعة الكاملة مع الماضى تؤدى إلى السقوط فى نهر الزمن والتوهان فى العالم, والتمسك الشديد بالماضى دون رغبة فى تطويره يؤدى إلى الجمود والتبلد الحضارى.
وعلى الجانب الآخريكون إنتماء الشعوب لمستقبلها وإدراك المسئولية تجاه الأجيال القادمة من الأبناء والأحفاد هو الضامن لتحقيق التقدم الحضارى المنشود,فالقطيعة الكاملة مع المستقبل تؤدى إلى اللامبالاة والإستهتار فى الحاضر, وكم من شعوب لامت أجدادها على ماوصلت إليه الأمور من إنحطاط وتخلف, وكم من شعوب قصرت فى حق أبنائها وأحفادها.
إذن مانريده هو التوازن بين إنتمائنا لماضينا وتراثنا وإيماننا بثقافتنا إيمانا يحفظها ويحفظنا من الضياع من جانب وبين إدراك أسباب التقدم فى الحاضر والقدرة على تطوير حاضرنا وإيماننا برسالتنا تجاه مستقبل أجيالنا القادمة.

السبت، 21 يوليو 2012

العقل والعاطفة

عندما يتصارع العقل مع العاطفة داخل إنسان,إما أن تنتصر العاطفة فيصير القرار عاطفيا خالى من التعقل,وإما أن ينتصر العقل فيصبح القرار جامدا خالى من العواطف,والمطلوب هو أن يروض كل منهما الآخر فيستمع العقل إلى صوت العاطفة لتحميه من الجمود والقسوة, وأن تستمع العاطفة إلى صوت العقل ليحميها من الإندفاع العاطفى,وهذا هو التوازن.

الخميس، 19 يوليو 2012

التطرف

معنى كلمة تطرف فى اللغة العربية هو إبتعاد عن الإعتدال والفعل تطرف أى أبتعد عن الإعتدال. والتطرف ليس تطرف فى الفعل فقط بل هو أيضا تطرف فى الفكر ويعنى أن يكون الإنسان أبعد مايكون عن التوازن فى أفكاره وأفعاله. وعدم التوازن يقصد به زيادة الشئ أو الصفة أو الفعل أو نقصانه على حد سواء فمثلا التطرف فى الشجاعة أى زيادتها عن الحد الطبيعى يؤدى إلى التهور والتطرف بمعنى نقصانها يؤدى إلى الجبن الشديد وزيادة الكرم تعنى السفه ونقصانه يعنى البخل . وقد يكون الإنسان متطرف فكريا أى يؤمن بفكرة إلى حد الجنون أو يكفر بها إلى نفس الحد,وقد يكون الإنسان متطرف عاطفيا وذلك يحول الحب إلى عبادة والكراهية إلى تدمير. وأسوأ ممارسة للتطرف هى التى تمارسها الجماهير, فعندما تتطرف الجماهير تكون الكارثة, وقد تكون الجماهير المتطرفة فى عقلها الجمعى مجتمعة, قد يؤدى ذلك إلى كارثة لإنه يحول تطرف الفكر والعاطفة إلى تطرف فعل قد يدمر ويهدم. وقد تكون الجماهير غير مجتمعة وذلك عندما تتحول عقلية شعب إلى عقلية جماهير لها عقل جمعى وعندها تصبح الإشاعة حقيقة ويتحول الكذب إلى صدق ويتحول البطل إلى عميل ويتحول المنافق إلى بطل ويتحول المسخ إلى موضة والعكس وهذا مانعانى منه الان عالميا ومحليا. وفى مصر وصلنا إلى درجة من التطرف الفكرى والعاطفى التى جعلتنا عرضة للأكاذيب الإعلامية تارة وإشاعات صفحات التواصل الإجتماعى تارة وجعلت بعض الزعماء المزيفين والمرتزقة يلعبون على عواطف الجماهير باسم الدين وجعلت بعض المتكلمين المتطرفين علمانيا يشحنون الجماهير ضد الدين نفسه. ولعلاج تلك المشكلة يجب أن نتخلص من تلك الثقافة الجماهيرية اللعينة, ولن يتم ذلك إلا بإدراك الأسباب التى أوصلتنا إلى تلك الحالة وأهم هذه الأسباب هو إنتشار التلقين والحفظ فى المدارس والإستبداد السياسي التى مارسته الدولة المطلقة لعقود طويلة,والإستبداد الإجتماعى فى البيوت, ويكون الحل فى إقرار الديمقراطية السياسية وما يتبعها من ديمقراطية إجتماعية وثقافية وإقتصادية وتغيير طريقة الحفظ والتلقين فى التعليم ليصبح إبداعى وتأملى, ولكن قبل ذلك كله تكمن طبيعة المشكلة فى غياب الأخلاق والقيمة ولن ينصلح ذلك إلا بالإقتراب من جوهر الدين الحقيقى لينعكس ذلك على معاملتنا وسلوكنا وطريقة تفكيرنا.
إن الثورة الحقيقية هى ثورة على التطرف بجميع أشكاله, والتغيير الحقيقى هو تغيير فى طرق التفكير السائدة, إذا كنا نريد إنقاذ أنفسنا وإنتشال العالم من الضياع.

الاثنين، 16 يوليو 2012

مثل أعلى فى الثورة الحقيقية

لقد كانت رسالة محمد(صلى الله عليه وسلم)أعظم ثورة على الظلم والجهل والطغيان, فلنتعلم من مثلنا الأعلى الكريم وأصحابه كيف إنتصروا على القوم الظالمين وعلى أنفسهم بالإيمان والصبر والثقة فى نصر الله,وكيف ترك المهاجرون أموالهم وعزهم وبلدهم وضحوا بكل شئ من أجل المبدأ وكيف توحدو وانتصرو وأنكرو ذاتهم من أجل نصرة هذا الدين, وكم فقدو من الشهداء أمثال حمزة ومصعب فى نضالهم,وكم إستغرقو من وقت للعودة منتصرين.
ولنتعلم من مثلنا الأعلى كيف كان رحيما مع أعدائه ومن أهانوه وأخرجوه من دياره,وكيف إستولى على القلوب بالرحمة وحسن إدارة الشعور قبل الأمور.
ولنعى أيضا أن غيرة كفار مكة من محمد وحقدهم الذى أعمى قلوبهم عن الحق الواضح وتفضيلهم لمصلحتهم الشخصية الضيقة,وخوفهم الغير مبرر على مكانتهم وتجارتهم دفعهم إلى خسران الدنيا والآخرة,فقد إنتصر الإسلام وإنتصرت الفكرة وأصبحت مكة مقصد العالم كله وليس العرب فقد, وملك العرب ملك الفرس والروم وحكموا العالم لقرون وحققوا أمجادا لأجيال عديدة, فلو كان جهلاء مكة يعلموا أن أبناءهم وأحفادهم سيحكمون من الهند إلى الأندلس لتسابقو إلى إتباع الدين وإنتصرو للفكرة السامية ولكنه التكبر والعند.
أليس هذا مثلنا الأعلى فى الصبر والإيمان بالمبادئ والإستمرار فى طريق الحق مهما كان صعبا وملئ بالعقبات,ألم ندرك أن العند والجهل والتكبر لا يؤدى إلا إلى الهلاك والإنهيار وأن التوافق ولم الشمل والتعقل والإيمان الحقيقى بالمبدأ هى التى تعمر وتبنى.

الأحد، 15 يوليو 2012

التوازن الحزبى

هناك عوامل عديدة يتوقف عليها نجاح أى حزب سياسي من حسن إدارة وإخلاص وغيرها,ولكن هناك عامل آخر أظن أن كل الأحزاب المصرية تعانيه وهوغياب التوازن بين المثقفين والحركيين, فالإخوان والتيارات الإسلامية يعانون من عدم التوازن لصالح الحركيين مما يجعلهم قادرين على حشد الجماهير بشعارت متدينة دون رغبة وقدرة على تطوير وتغيير الأفكار بشكل تأملى ومقنع,وعلى الجانب الآخر فى التيارات والكتل الليبرالية نجد عدم التوازن لصالح المثقفين والنخب لذلك فهى غير قادرة على الحشد والعمل فى الشارع ويقتصر دورها على فتح مكلمة فى برامج التوك شو والجعجعة الخاوية من أى إنجاز على الأرض وتصبح مجرد شخشيخة لا يتعدى دورها الإزعاج.
هذا الخلل يؤدى إلى عدم التوازن السياسي لأنه لا توازن سياسي إلا بوجود أحزاب وتيارات قوية ومنظمة قادرة على الحشد وقادرة على التآثير الثقافى وتغيير وتطوير الأفكار سواء كانت تلك الأحزاب فى الحكم أو فى المعارضة فلا يوجد حكم قوى بدون معارضة قوية.

طريقتين

الحزب أو الرئيس أو الجماعة(أيا كان)الذى يريد أن يبقى فى السلطة أطول فترة ممكنة(خصوصا فى المجتمعات ذات الطبيعة الإستبدادية والتى لم تترسخ فيها الديمقراطية)يكون أمام أحد خيارين:
أولهما أن يعمل من اللحظة الأولى على تقدم الدولة سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وذلك بإختيار معاونين ومساعدين ووزراء على درجة عالية من الحرفية والكفاءة بغض النظر عن الخلاف السياسي والأيدولوجى, وإتاحة الفرصة للمجتمع المدنى ليكون له دور فى تنمية المجتمع,وعدم المساس بالحريات العامة والخاصة.
والخيار الثانى هو أن يعتقد أن الوصول للسلطة هو دولاب الحياة ومفتاح السيطرة ويكرس وجود الدولة المطلقة المستبدة العميقة ويدعم البيروقراطية ويعمل على السيطرة على أجهزة الدولة,وأن يعتمد على أهل الثقة,فهو يعتقد أنه بسيطرته على كل شئ سوف يبقى فى السلطة لفترات طويلة.
فمن يسلك المسلك الأول سيبقى فى الحكم فترة طويلة شرعية مدعمه شعبيا وستخضع له مؤسسات الدولة (الجيش والشرطة)طوعا, ومن يسلك المسلك الثانى قد يبقى فترة طويلة فى الحكم ولكن حكمه سينتهى عاجلا أو آجلا لأن وجوده غير مدعوم شعبيا وسيبدأ بالتنازلات لبعض المؤسسات كالجيش والشرطة لكى تدعم وجوده وسينتهى حكمه بإسقاطه فى إنتخابات تارة أو بثورة شعبية وإنقلابات عسكرية تارة وسيدخل مزبلة التاريخ.
ومن بعض التجارب العالمية نجد دعما لهذا الكلام, فقد إختارتا تركيا وماليزيا الطريق الأول وقطعتا شوطا كبيرا فى طريق التنمية والتقدم,فهل نسير على نفس الدرب أم نسلك دروبا آخرى أكثر عقبات وصعوبات ومشاكل وإستبداد.

السبت، 14 يوليو 2012

دائرة الإستبداد المغلقة

إن نظام الحكم المستبد يخلق مجتمعا مستبدا, والمجتمع المستبد يخلق نظام حكم مستبد مما يؤدى إلى دائرة إستبداد مغلقة.
وللخروج من تلك المعادلة يجب إختراق دائرة الإستبداد المغلقة بالسير فى إتجاهين بالتوازي :
أولا التخلص من ديكتاتورية الحكم وإقرار الديمقراطية السياسية
ثانيا هو تبيئة ثقافة الديمقراطية الديمقراطية وحرية الإختيار فى عقول النشئ فى المدارس والبيوت وتغيير منظومة التعليم لتصبح إبداعية وتأملية بدلا من التلقين والحفظ,والتأكيد على إحترام حرية الفكر والإبداع وإحترام الإختلاف فى الرأي فضيق الإنسان بمن يفكر حوله يؤدى إلى الفشل والتأخر, فضيق المدير بتفكير مساعديه يؤدى إلى إنهيار الكيان,وضيق الأب بتفكير أبنائه قد يؤدى إلى ضياع مستقبلهم,وضيق المعلم بيتفكير تلاميذه يؤدى إلى قتل إبداعهم وكذلك ضيق الرئيس بتفكير معاونيه ومعارضيه يؤدى إلى تآخر الدولة.

الجمعة، 13 يوليو 2012

النخاع الشوكى

من ينحى عقله جانبا ويفكر بنخاعه الشوكي تصبح ردود فعله عاطفية كأنها إستجابات سريعة لمؤثرات عصبية قد تؤدى إلى كوارث حقيقية.

الثورة والأفكار

تحتاج الأفكار وقتا طويلا لكى تؤمن بها الشعوب,كما تحتاج إلى وقت أطول لنسفها وإحلال أفكار اخرى محلها.
وعندما نعلم أن المتغيرات فى الأفكار هى المسئولة عن التغيرات الحضارية والثقافية فى العالم ندرك جيدا أن دورات التقدم والإنحدار تستغرق وقتا طويلا.
لذلك عندما تقوم ثورة فى مكان ما فإنها فقط تكون البداية لإزاحة أكبر عقبة فى طريق كسر دائرة الإستبداد المغلقة ولكنها لا تنسف الدائرة على الإطلاق,فذلك يحتاج إلى تغيير الأفكار الإستبدادية الكامنة فى المجتمع نفسه وذلك يحتاج لتغيير تدريجى فى الأفكار.
لذلك فعندما نحكم على ثورة ما فنحن نحكم على شيئيين, أولهما قدرتها على إسقاط النظام المستبد, والثانية هى قدرتها على التآثير فى الجماهير لنسف الأفكار المستبدة وإحداث تغيرات فى المجتمع ونشر ثقافة الديمقراطية الحقيقية.
وفى حالة الثورة المصرية نجد أن الثورة نجحت فى إسقاط النظام ولكن الحكم على مدى نجاحها فى تغيير الأفكار سيتم بعد سنوات طويلة على حسب قدرتها على التآثير فى المنظومة الفكرية للمجتمع, ولن يتم ذلك إلا بإدراك مقاصد الثورة من عدالة وبناء وتوافق مجتمعى وبإعتبار الثورة وسيلة وليست هدفا وإدراك أن الثورات عمل إستثنائى فى حياة الشعوب لا يمكن أن يعيش الشعب فيه مدى الحياة.