معنى كلمة تطرف فى اللغة العربية هو إبتعاد عن الإعتدال والفعل تطرف أى أبتعد عن الإعتدال. والتطرف ليس تطرف فى الفعل فقط بل هو أيضا تطرف فى الفكر ويعنى أن يكون الإنسان أبعد مايكون عن التوازن فى أفكاره وأفعاله. وعدم التوازن يقصد به زيادة الشئ أو الصفة أو الفعل أو نقصانه على حد سواء فمثلا التطرف فى الشجاعة أى زيادتها عن الحد الطبيعى يؤدى إلى التهور والتطرف بمعنى نقصانها يؤدى إلى الجبن الشديد وزيادة الكرم تعنى السفه ونقصانه يعنى البخل . وقد يكون الإنسان متطرف فكريا أى يؤمن بفكرة إلى حد الجنون أو يكفر بها إلى نفس الحد,وقد يكون الإنسان متطرف عاطفيا وذلك يحول الحب إلى عبادة والكراهية إلى تدمير. وأسوأ ممارسة للتطرف هى التى تمارسها الجماهير, فعندما تتطرف الجماهير تكون الكارثة, وقد تكون الجماهير المتطرفة فى عقلها الجمعى مجتمعة, قد يؤدى ذلك إلى كارثة لإنه يحول تطرف الفكر والعاطفة إلى تطرف فعل قد يدمر ويهدم. وقد تكون الجماهير غير مجتمعة وذلك عندما تتحول عقلية شعب إلى عقلية جماهير لها عقل جمعى وعندها تصبح الإشاعة حقيقة ويتحول الكذب إلى صدق ويتحول البطل إلى عميل ويتحول المنافق إلى بطل ويتحول المسخ إلى موضة والعكس وهذا مانعانى منه الان عالميا ومحليا. وفى مصر وصلنا إلى درجة من التطرف الفكرى والعاطفى التى جعلتنا عرضة للأكاذيب الإعلامية تارة وإشاعات صفحات التواصل الإجتماعى تارة وجعلت بعض الزعماء المزيفين والمرتزقة يلعبون على عواطف الجماهير باسم الدين وجعلت بعض المتكلمين المتطرفين علمانيا يشحنون الجماهير ضد الدين نفسه. ولعلاج تلك المشكلة يجب أن نتخلص من تلك الثقافة الجماهيرية اللعينة, ولن يتم ذلك إلا بإدراك الأسباب التى أوصلتنا إلى تلك الحالة وأهم هذه الأسباب هو إنتشار التلقين والحفظ فى المدارس والإستبداد السياسي التى مارسته الدولة المطلقة لعقود طويلة,والإستبداد الإجتماعى فى البيوت, ويكون الحل فى إقرار الديمقراطية السياسية وما يتبعها من ديمقراطية إجتماعية وثقافية وإقتصادية وتغيير طريقة الحفظ والتلقين فى التعليم ليصبح إبداعى وتأملى, ولكن قبل ذلك كله تكمن طبيعة المشكلة فى غياب الأخلاق والقيمة ولن ينصلح ذلك إلا بالإقتراب من جوهر الدين الحقيقى لينعكس ذلك على معاملتنا وسلوكنا وطريقة تفكيرنا.
إن الثورة الحقيقية هى ثورة على التطرف بجميع أشكاله, والتغيير الحقيقى هو تغيير فى طرق التفكير السائدة, إذا كنا نريد إنقاذ أنفسنا وإنتشال العالم من الضياع.
الخميس، 19 يوليو 2012
التطرف
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق