كتاب "حرب الفن" (The War of Art) هو كتاب من تأليف ستيفن بريسفيلد، ويعد من أشهر الكتب التي تركز على موضوع الإبداع والصعوبات التي يواجهها الفنانون والمبدعون أثناء محاولاتهم لتحقيق أهدافهم الإبداعية. يطرح بريسفيلد في هذا الكتاب مجموعة من الأفكار والرسائل التي تهدف إلى تحفيز الأشخاص للتغلب على العوائق النفسية والمادية التي تمنعهم من تحقيق إمكانياتهم الإبداعية.
1. مفهوم "حرب الفن"
العنوان ذاته يعكس جوهر الكتاب، حيث يقارن بريسفيلد العملية الإبداعية بالحرب. في نظره، كل مبدع يخوض "حربًا" مع عدو خفي يُسمى "المقاومة" (The Resistance). هذه المقاومة ليست كائنًا ماديًا، بل هي قوة غير مرئية تظهر في العديد من الأشكال مثل الخوف، التشويش، التسويف، وعدم الثقة بالنفس. ويعبر بريسفيلد عن أن كل محاولة لإنتاج عمل فني أو إبداعي تواجه مقاومة شديدة، وأن المغزى من هذه المقاومة هو أن المبدع يعمل على تحقيق شيء ذو قيمة، وبالتالي فإن المقاومة تزداد قوة كلما اقترب الشخص من تحقيق هدفه الإبداعي.
2. المقاومة: العدو الرئيسي
المقاومة هي، في الواقع، العامل الرئيسي الذي يعيق الإبداع. يصفها بريسفيلد بأنها قوة سلبية تحاول إبقاء الشخص بعيدًا عن تحقيق هدفه الإبداعي. تقف المقاومة ضد كل ما هو جديد ومؤثر، وتظهر في أشكال متعددة مثل:
- التسويف: التأجيل المستمر للعمل الإبداعي.
- الخوف: الخوف من الفشل أو من عدم قبول العمل من الآخرين.
- التشويش: التفكير في مئات الأمور الأخرى التي لا علاقة لها بالهدف الإبداعي.
3. الاحتراف مقابل الهواية
بريسفيلد يقارن بين المبدع الذي يعمل بشكل احترافي والمبدع الذي يعمل كهواية. بالنسبة له، الهواية تتضمن بعض الهوايات الشخصية والمزاجية بينما الاحتراف يتطلب الالتزام والمثابرة. المبدع المحترف هو الذي يتعامل مع عمله بشكل جدي، يعمل يوميًا بغض النظر عن الظروف، ويضع عمله فوق المشاعر الشخصية والمشاكل اليومية. هذا الفصل يعكس أن الإبداع الحقيقي يتطلب جهدًا مستمرًا وعزيمة.
4. التفاني في العمل الإبداعي
يشدد بريسفيلد في الكتاب على أهمية التفاني والالتزام بالعمل الإبداعي، بغض النظر عن النتائج المباشرة. يشير إلى أن الإبداع لا يتعلق فقط بالحصول على نتائج ملموسة، بل هو عملية مستمرة من التطور والنضج. النجاح الحقيقي في الإبداع يأتي من القدرة على الاستمرار في مواجهة المقاومة والتحلي بالانضباط في العمل.
5. التطور الروحي والإبداع
بريسفيلد يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يتحدث عن العلاقة بين الإبداع والنمو الروحي. يرى أن الإبداع ليس مجرد عمل مادي، بل هو عملية روحانية أيضًا. الفنانون والمبدعون يمكن أن يعتبروا أنفسهم وسطاء بين "العالم الأرضي" و"العالم الروحي". من خلال العمل الإبداعي، يمكن للمرء أن يتواصل مع شيء أكبر من نفسه، ويحقق تطورًا روحيًا.
6. المبدع كمحارب
المبدع في هذا الكتاب يشبه المحارب الذي يدخل ساحة المعركة، ويجب عليه أن يكون مستعدًا للنضال والمثابرة. الإبداع ليس مسارًا سهلًا أو مريحًا؛ بل يتطلب جهدًا واصرارًا على المضي قدمًا رغم الصعوبات. المبدع الذي يرغب في النجاح يجب أن يتعامل مع التحديات ويثبت قدرته على مواجهة التحديات باستمرار.
7. الرسالة الرئيسية
الرسالة المركزية التي يطرحها الكتاب هي أن كل شخص لديه القدرة على الإبداع، ولكن الأمر يتطلب شجاعة وإصرارًا لمواجهة المقاومة المستمرة. في النهاية، النجاح يأتي من القدرة على الاستمرار في العمل والتغلب على العوائق النفسية والفنية. من خلال الالتزام بالعمل، يصبح المبدع أقوى وأكثر قدرة على تقديم أفضل ما لديه.
كتاب "حرب الفن" ليس فقط دليلاً لفهم التحديات الإبداعية، بل هو دعوة لكل مبدع للتعامل مع صعوبة العمل الإبداعي بجدية وحماسة. يقدم بريسفيلد إلهامًا لكل شخص في مسار الإبداع بأن يكون جنديًا في معركة مستمرة ضد المقاومة، وأن يسعى دائمًا لإنتاج الأفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق