1. الفرق السنية الرئيسية
أ. السنيّة (السنة والجماعة)
تعتبر السنة والجماعة هي أكبر فرقة إسلامية في العالم من حيث العدد، وهي تمثل الغالبية العظمى من المسلمين. يُطلق على أتباع هذه الفرقة اسم "أهل السنة والجماعة" لأنهم يلتزمون بالسنة النبوية ويعترفون بسلطة العلماء الذين يجمعون بين النقل (القرآن والسنة) والعقل.
-
الجذور التاريخية: نشأت السنة بعد وفاة النبي محمد، حيث كان الخلاف على من يجب أن يتولى الخلافة بعد وفاته. قرر الصحابة في النهاية اختيار الخليفة الأول أبو بكر الصديق بعد أن تم إجماعهم عليه. أهم مبدأ في السنية هو أن الخلافة تكون من خلال الإجماع وبيعة الأمة، وهي تقوم على فكرة أن الشورى هي الطريق الأمثل لاختيار الحاكم.
-
العقيدة: يتبع أهل السنة في عقائدهم مذهب الأشاعرة أو الماتريدية بالنسبة للقضايا الإيمانية المتعلقة بتوحيد الله وصفاته، ويركزون على الكتاب والسنة كأدلة رئيسية للإيمان. كما أن السنية تلتزم بمبدأ "العمل بالحديث الصحيح"، أي أن حديث النبي الذي ثبت صحته يعتمد عليه في الأحكام الدينية.
ب. المذاهب الفقهية السنية
يتفرع السنيون إلى أربعة مذاهب فقهية رئيسية:
- المذهب الحنفي: يعتمد على الرأي والاجتهاد في الأحكام. يُعتبر الأكثر مرونة ويعطي مجالًا كبيرًا للاجتهاد.
- المذهب المالكي: يركز على السنة التي وردت عن أهل المدينة (أهل النبي محمد) في تطبيق الشريعة.
- المذهب الشافعي: يعتمد على تقسيم الأدلة الشرعية إلى القرآن والسنة والإجماع والقياس.
- المذهب الحنبلي: يتميز بالتشدد في اتباع الحديث ويعتمد بشكل أساسي على نصوص الكتاب والسنة.
2. الفرق الشيعية الرئيسية
أ. الشيعة الإثناعشرية
الشيعة الإثناعشرية هي أكبر طائفة شيعية وتؤمن باثني عشر إمامًا، جميعهم من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه. يعتقدون أن الإمام يجب أن يكون معصومًا ومختارًا من الله، وأن الإمامة تنتقل عبر الأئمة بشكل وراثي من نسل الإمام علي.
-
الجذور التاريخية: بدأ الاختلاف بين الشيعة والسنة بعد وفاة النبي محمد، وكان الخلاف حول من هو الشخص الأنسب لخلافة النبي. بينما اختار السنة أبو بكر الصديق خليفة، كان الشيعة يعتقدون أن علي بن أبي طالب هو أولى بالخلافة. بعد مقتل الإمام علي وتولي الحسن بن علي ثم الحسين بن علي إمامة الأمة، حدث الخلاف بين السنة والشيعة بشكل أكثر وضوحًا، وتحددت فكرة الإمامة بشكل محوري في الفكر الشيعي.
-
العقيدة: بالنسبة للشيعة الإثناعشرية، الإمامة ليست مجرد منصب سياسي بل هي وظيفة دينية وروحية، حيث يعتقدون أن الأئمة يمتلكون قدرة خاصة على تفسير القرآن وتوجيه الأمة. كما يؤمن الشيعة الإثناعشرية بالرجعة (العودة) يوم القيامة، حيث يُعتقد أن الإمام المهدي (الإمام الثاني عشر) سوف يعود ليملأ الأرض عدلاً بعد أن يعمها الظلم.
ب. الشيعة الزيدية
الزيدية هي إحدى الفرق الشيعية التي تميزت بتوجهاتها الفقهية والعقائدية المختلفة. تختلف عن الإثناعشرية في قضايا الإمامة، حيث لا يعتقدون أن الإمام يجب أن يكون معصومًا.
-
الجذور التاريخية: نشأت الزيدية بعد وفاة الإمام الحسن العسكري، وبرزت نتيجة الخلاف حول من يجب أن يكون الإمام التالي بعد الحسين. يعتقد الزيديون أن الإمامة تقتصر على أهل البيت، ولكنها لا تتطلب العصمة.
-
العقيدة: الزيدية تلتزم بمفهوم الإمامة المبنية على أهل البيت، ولكنهم يختلفون عن الإثناعشرية في أنهم يعتبرون أن الإمام ليس بالضرورة معصومًا، ولا يشترط أن يكون من نسل الحسين فقط، بل يمكن أن يكون من أي فرد صالح من أهل البيت.
ج. الشيعة الإسماعيلية
الشيعة الإسماعيلية هي فرقة شيعية انشقت عن الإثناعشرية بعد وفاة الإمام جعفر الصادق. يعتقدون أن الإمام بعد جعفر الصادق هو ابنه إسماعيل.
-
الجذور التاريخية: بعد وفاة الإمام جعفر الصادق، كان هناك خلاف على من يكون الإمام التالي، إذ أيد بعضهم إسماعيل بينما أيد آخرون موسى الكاظم. هؤلاء الذين أيدوا إسماعيل أسسوا مذهبًا يسمى الإسماعيلية.
-
العقيدة: الإسماعيلية تختلف عن الإثناعشرية في قبولها بإمام واحد فقط بعد الإمام جعفر الصادق. كما يشتهر الإسماعيليون بتفسيرهم الرمزي للأحكام الدينية، ويؤمنون بأن الإمام يمتلك معرفة سرية وفهمًا عميقًا للنصوص الدينية.
3. الفرق الفكرية والعقائدية الأخرى
أ. المعتزلة
المعتزلة هي فرقة فكرية إسلامية نشأت في القرن الثاني الهجري، وركزت على العقل في فهم الدين. أُسست على يد واصل بن عطاء.
-
الجذور التاريخية: نشأت المعتزلة نتيجةً للخلافات الفكرية في العصر العباسي حول قضايا مثل "العدل الإلهي" و"القدرة الإنسانية" في مواجهة الجبر.
-
العقيدة: المعتزلة يعتقدون أن الإنسان يمتلك حرية الإرادة، وأن الله عادل في أفعاله، لذلك يجب أن يُحاسب الناس بناءً على أفعالهم. كما يرفض المعتزلة أي فكرة تتعلق بالتفويض أو الجبر، ويرون أن العقول الإنسانية قادرة على تفسير النصوص.
ب. الأشاعرة والماتريدية
الأشاعرة والماتريدية هما مذهبان عقديان في السُنة يُعتَقد أن مؤسسيهما قد وضعا نظامًا معتدلًا يجمع بين النقل والعقل في تفسير العقائد.
-
الجذور التاريخية: أسس الأشاعرة الإمام أبو الحسن الأشعري (873-935م)، فيما أسس الماتريدية الإمام أبو منصور الماتريدي (853-944م). كلاهما كان يحاول إيجاد توازن بين العقل والنقل في قضايا التوحيد والإيمان.
-
العقيدة: يُعتبر الأشاعرة والماتريدية الأكثر انتشارًا بين السنة في مجالات العقيدة. يؤمنون بأن الله ليس مُجبرًا، بل هو فاعل مختار.
ج. الصوفية
الصوفية هي حركة روحية ظهرت داخل الإسلام تهدف إلى تحقيق القرب من الله من خلال الزهد والتأمل والممارسة الروحية.
-
الجذور التاريخية: نشأت الصوفية في بداية العصر الإسلامي، وركزت على التأمل الروحي والاتصال الشخصي مع الله من خلال ذكره وتقوى الروح.
-
العقيدة: يُؤمن الصوفيون بأن الوصول إلى الله يتحقق من خلال تطهير القلب والتواضع والخضوع لله، وهم يعتمدون على الممارسات الروحية مثل الذكر، والعبادة الجماعية، والتوجيه الروحي من قبل شيخ صوفي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق