الديمقراطية غير الليبرالية هي نظام حكم يجمع بين الآليات الديمقراطية، مثل الانتخابات، وبين قيود أو تجاوزات تحدّ من الحريات المدنية وسيادة القانون. هذا النوع من الأنظمة قد يبدو ديمقراطيًا من حيث المظهر، لكنه يفتقر إلى القيم الليبرالية مثل حرية الصحافة، واستقلال القضاء، وحقوق الإنسان.
تعريف الديمقراطية غير الليبرالية
صاغ المصطلح الباحث السياسي فرهاد زكريا في تسعينيات القرن الماضي، ليصف أنظمة تجمع بين الانتخابات الدورية وغياب الضمانات الدستورية للحقوق الأساسية. في هذه الأنظمة، يُسمح للمواطنين بالتصويت، لكن السلطة التنفيذية غالبًا ما تهمش مؤسسات الرقابة وتحكم بقبضة قوية، مما يؤدي إلى تآكل الحقوق والحريات.
أهم سمات الديمقراطية غير الليبرالية
-
انتخابات مشروطة أو غير نزيهة
- قد تُجرى الانتخابات بانتظام، لكنها تُستخدم كأداة لإضفاء الشرعية على النظام الحاكم، عبر التلاعب بالقوانين أو التضييق على المنافسين.
-
تقييد الحريات المدنية
- يتم فرض قيود على الصحافة، والتجمعات، وحرية التعبير، مما يؤدي إلى إسكات الأصوات المعارضة.
-
تآكل سيادة القانون
- القضاء يكون تابعًا للسلطة التنفيذية، مما يسمح بالتمييز في تطبيق القوانين وفقًا للمصالح السياسية.
-
سيطرة النخب على الاقتصاد والسياسة
- يُستخدم النفوذ السياسي للحفاظ على سلطة فئة محددة، غالبًا عبر الفساد والمحسوبية.
-
الخطاب القومي أو الشعبوي
- يبرر القادة الحد من الحريات بحجج مثل الأمن القومي، الاستقرار، أو الحفاظ على القيم التقليدية.
أمثلة على الديمقراطية غير الليبرالية
1. روسيا تحت حكم فلاديمير بوتين
- تُجرى انتخابات رئاسية وتشريعية، لكن المعارضين السياسيين يتعرضون لمضايقات أو سجن، وتُسيطر الدولة على الإعلام.
- القضاء يخضع للحكومة، ويتم تعديل الدستور لضمان استمرار حكم الرئيس.
2. تركيا في عهد رجب طيب أردوغان
- رغم وجود انتخابات، فقد تزايدت القيود على الإعلام والمعارضة، وخاصة بعد محاولة الانقلاب عام 2016.
- تم حبس صحفيين ومعارضين، وسُيّست المؤسسات القضائية لتكون تحت سيطرة الحكومة.
3. المجر بقيادة فيكتور أوربان
- رغم كونه منتخبًا، إلا أن أوربان حدّ من استقلال القضاء وضيّق الخناق على الإعلام.
- استخدم خطابات قومية ضد الاتحاد الأوروبي والمعارضة لتبرير سياساته.
4. فنزويلا تحت حكم نيكولاس مادورو
- الانتخابات تُجرى لكنها لا تُعتبر عادلة، مع قمع مستمر للمعارضة واحتكار الإعلام الرسمي.
- الاقتصاد ينهار بسبب الفساد وسوء الإدارة، مع استمرار النظام في السلطة بالقوة
الديمقراطية غير الليبرالية تمثل تحديًا للعالم الحديث، حيث تبدو ديمقراطية في شكلها لكنها تخلو من القيم الليبرالية الجوهرية. هذه الأنظمة غالبًا ما تبرر ممارساتها بالاستقرار أو الأمن القومي، لكن غياب الحريات الأساسية قد يؤدي في النهاية إلى الاستبداد الكامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق