الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

العبرة بالممارسة

إن السياسة بطبعها علم غير منظبط لا يعرف الثوابت وهو علم يتم التنظير له من خلال التجارب المختلفة للشعوب.
ونحن إن نظرنا إلى أنظمة الحكم سواء ملكية أو أرستقراطية أو ديمقراطية نجد حضورا قويا لقول أرسطو أنه لا يوجد نظام حكم جيد فى المطلق فالملكية والأرستقراطية قد يتحولا إلى إستبداد والديمقراطية إلى ديماجوجية وأوليجاركية, ولذلك فالتطبيق والتجربة هم من يقيمان النظام.
ومع التطور التاريخى لأنظمة الحكم المختلفة نجد أن العالم لم يعرف نظاما أفضل من الديمقراطية على كل عيوبها, وينطبق على الديمقراطية ماينطبق على أنظمة الحكم القديمة فلا يتم تقيمها نظريا ولكن عمليا مع الممارسة فقد يكون هناك صناديق إنتخابات وتصويت ونزاهة إنتخابية وليس هناك ديمقراطية نظرا لرأس المال وطبيعة الدعاية مثلا وإستغلال الآلة االإعلامية إستخداما غير عادل وشراء الأصوات.
لذلك نحن نحكم على طبيعة الممارسة وليس النظرية.
ويتأكد هذا الحديث إذا أمعنا النظر فى التصنيف النظرى لنوع أنظمة الحكم المختلفة, فالتقسيم النظرى يقودنا إلى ثلاثة أنواع بين رئاسى وبرلمانى ومختلط,ولكن التجربة العملية تقودنا إلى غير ذلك, فمثلا قد يتحول نظام برلمانى شكلا إلى نظام رئاسى موضوعا وذلك فى حالات الإنضباط الحزبى الشديد وهذا يجعل جميع أعضاء حزب حاكم ملتزمين بقرار الحزب فى قضية ما وبذلك يكونون كالرجل الواحد ويكون الرئيس فى هذه الحالة هو الحزب كما فى بريطانيا وفى الإخوان المسلمين فى مصر,وقد يكون هناك نظاما برلمانيا كاملا ولكنه يتيح للرئيس رفض قرار البرلمان وإعادة التصويت عليه حتى يحصل على أغلبية الثلثين فيقرب النظام البرلمانى من المختلط كما فى تركيا,وقد يكون هناك نظاما رئاسيا يتيح للرئيس تشكيل الحكومة ولكنه لا يتيح له حلها ولا يعطيه حق حل البرلمان مما يقرب النظام إلى المختلط البرلمانى مع أن النظام رئاسي فى الأصل.
وخلاصة الكلام أن العبرة ليست بالتنظير ولكن بالممارسة والتجربة, فقد تخترع دولة نظاما مركبا خاص بها يتم التنظير له لاحقا لذلك فالسياسة علم غير منضبط إذا جاز لنا أن نمنحها لقب علم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق