السبت، 11 أغسطس 2012

التعليم المنشود

يتكلم الكثير منا عن التعليم وأهميته فى صناعة نهضة الأمم,ولكن ليس كل تعليما منشودا,وليس كل متعلما مفيدا ومنجزا.
إن التعليم المنشود هو الذى يخلق متعلما متنورا مجربا غير متمردا يجمع بين الكفاءة العملية والإمتياز الأخلاقى.
فلا يقاس التعليم بحجم المعلومات والقدرة على الحفظ ولا بكمية المعارف وحجم الشهادات,فكم من متعلم جاهل وكم من أمى متنور, وكم من متعلم غير مفيد لوطنه وأمته, وكم من متعلم غير كفء من الناحية العملية,وكم من متعلم أضر بعلمه واستغله أسوأ إستغلال.
ومعنى أن يكون المتعلم متنورا هو أن يكون مفكرا متأملا لا يتلقى ويحفظ ولكن يفكر ويناقش ويصل إلى أفكار يصارعها ويكون على دراية بالطبيعة والحياة متقبلا للرأي الآخر قابلا للإختلاف معه.
ومعنى أن يكون المتعلم مجربا هو أن لا يكتفى بالتعليم النظرى ولكن بالتجربة العملية وألا يتم عزله فى غرف مغلقة يتعلم فيها نظريا دون أن يجرب عمليا, فقد أصبحنا نتلقى تعليما نظريا الغرض منه هو الشهادة المكتوبة والمطلوبة للتوظيف والعمل,وللعجب فإن الحضارة الإسلامية هى صاحبة فكر التجربة والترصد فى البحث العلمى, واليونان كتبوا نظريات الرياضيات والهندسة بعد أن درسوا تطبيقها الفرعونى العملى.
ومعنى أن يكون المتعلم غير متمرد أن يكون راضيا بالمكان الذى أوصله إليه تعليمه وأن لا يجد نفسه عاطلا لضعف تعليمه تارة ولطموحه البانورامى تارة ولتشبع المجتمع من أمثاله فيغضب ويثور ويتمرد على مجتمعه.
أما الإمتياز الأخلاقى للمتعلم فهو أن يستغل علمه فى ما ينغع الناس وأن يؤدى الأمانة التى حملها الله للإنسان بإعمار الأرض لا تدميرها, فكم  من عالم أضر بعلمه, ولنا فى مخترع القنبلة الذرية المثل.
ولا يتمتع المتعلم بالإمتياز الأخلاقى إلا بتعلم دينه ودراسته والإقتراب من جوهره فلا نعرف مصدرا آخر للأخلاق غير دين الفطرة السليمة.
ولن يتم إصلاح التعليم وتحقيق تلك الأهداف من خلال الدولة فقط ولا بالحديث عن المجانية ولا الميزانية فقط, ولا برسم سياسات تعليمية مفيدة فقط,فالطبع كل ذلك مهم ومطلوب,ولكنه لن يكتمل إلا بتغيير ثقافة الشعب عن التعليم والغرض منه.
وكم من دول أقرت المجانية ورفعت الميزانية ولم تخلق إلا جيوشا من الكتبة والعاطلين وموصلى الطلبات والمجرمين فى كثير من الأحيان.
وفى مجتمعنا المصرى :
كيف يكون الحال إذا رسمت الدولة خطة لإصلاح التعليم إنحازت فيها للتعليم الفنى المتميز وقللت أعداد الملتحقين بالجامعات؟وكيف يكون رد فعل الجماهير الذى يريد كل فرد فيها أن يصبح طبيبا أو مهندسا,ويريد كل فلاح فيه أن يصير متمدنا, وكل فقير فيه أن يصير غنيا عن طريق التعليم الجامعى!  !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق