ان الدولة المطلقة المستبدة ليست دولة علمانية ولكنها دولة ثيوقراطية مقلوبة تأمم الدين ومؤساساته الرسمية لتبرر وجودها وتستبد به وحكامها علمانيون علمانية شاملة خالية من قيم الانسانية يتمركز فيها الحكام حول ذاتهم لتحقيق اهدافهم الشخصية بينما الدولة الديمقراطية هى دولة علمانية ولكن علمانية الدولة والتى فيها تقف الدولة على مسافة واحدة من كل الاطراف ويتم تحييد المؤسسة الدينية واطلاق حريات المجتمع الدينية والعقائدية وقد يكون حكامها علمانيين او غير علمانيين فالعلمانية هنا هى علمانية الدولة وفصلها الدعوى عن السياسي وليست علمانية المجتمع والافراد فلا فصل للدين عن الحياة.
ان مشكلة العلمانية هى فى الاصل مشكلة مصطلح سيئ السمعة مشبوه مختلط التعريف وهو كذلك بالفعل,وينبغى فهمه فهما جيدا حتى يتم تعريفه.
فهناك فارق بين علمانية الدولة وعلمانية المجتمع وافراده فعلمانية الدولة هى وقوفها على مسافة متساوية من جميع الاطراف والقوى بينما تنقسم علمانية المجتمع إلى علمانية قريبة من الدين وعلمانية لادينية ضد الدين, والاولى معنية فقط بالجانب التعاقدى فى رقعة الحياة العامة فى العمل ولكنها لا تمتد الى حياته الخاصة وعلاقته بافراد المجتمع فهو انسان يحاول ايجاد توازن بين التراحم والتعاقد بينما العلمانية اللادينية وهى ضد الدين وهى ان يصبح الانسان مادى تماما لا تراحم فى حياته يتمركز حول ذاته لتحقيق اللذة والمتعة وهو بذلك غير مؤمن ببعث وحساب وجنته على الارض فتختفى من حياته كل قيم الدين والانسانية.وقد يكون الفرد علمانيا دون ان يشعر وقد يدعى العلمانية وهو ابعد ما يكون عنها وقد يحكم بالخطأ على مجتمع بانه علمانى والعكس صحيح.
لذلك فان التسرع فى اصدار الاحكام يكون نوعا من السذاجة والسطحية واهمال ان ظاهرة العلمانية ظاهرة مركبة كامنة لا يمكن اختزالها فى الشكل فقط اهمال ليس فى محله.
ان تحول العلمانية الانسانية الجزئية بتعبير المسيرى الى علمانية لا دينية شاملة متطرفة يحدث فى معظم الاحيان بسبب طبيعة الانسان الذى يسعى الى التحرر واللامسئولية وطبيعة الدين الموجود فان كان الدين مجردا يكون التحول سهلا ومنطقيا والامر يختلف عندما يكون هذا الدين اسلام حقيقى معنى بالدين والحياة.
وفى المجتمعات الاسلامية حاول بعض المفكرين تبيئة العلمانية فى المجتمع المسلم بتوليد مصطلح العلمانية الاسلامية الذى يعنى فقط بفصل الدعوى عن السياسى وعدم استغلال الدين والدعاية الدينية للوصول للحكم والبقاء فيه منظرين انه لا تعارض بين العلمانية الجزئية بتعبير المسيرى والاسلام وحاول البعض القول بان العلمانية الانسانية الجزئية موجودة اصلا فى الاسلام والمشكلة فى سوء سمعة المصطلح نفسه.
ان الاسلام من وجهة النظر تلك اوجب فصل الدعوى عن السياسي ونهانا عن استغلال المساجد فى التجارة وبالتالى فى الدعاية السياسية وذلك الفصل ليس فصل للدين عن السياسة والحياة بالطبع فالمسجد مؤسسة معنية بحل مشاكل المسلمين ولكن النهى عن الاستغلال لتيار معين لتحقيق مكاسب شخصية حياتية.
ان العلمانية الشرقية جزئية انسانية وليست علمانية لادينية وان كان بعض العلمانيين الشرقيين لادينين ولكن النسبة تبقى ضئيلة جدا, وخطر تحول العلمانية الجزئية الى شاملة لادينية معدوم بسبب طبيعة الدين الاسلامى الذى يقدم الدين وطريقة واسلوب الحياة خصوصا ان المسلم مرتبط بدينه الاسلامى فى كل حياته وحتى ان ابتعد ظاهريا عنه فهو كامن داخله قيميا.
ان المرفوض هو العلمانية الشاملة التى تفصل الدين عن الحياة ولكن علمانية الدولة والعلمانية الجزئية هى فى الاصل قيم داخل الاسلام وان كان المصطلح مشبوها.
والله اعلم.
الخميس، 20 سبتمبر 2012
قناعة شخصية عن العلمانية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق